تونس

بعد الانتفاضة الشعبية في تونس التي بدأت في ديسمبر عام 2010 وشهدت احتجاجات ضد الفساد والفقر والقمع السياسي، وبلغت ذروتها بالاطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي في يناير عام 2011، مرت تونس من خلال الانتقال السياسي الصعب الذي أدى إلى تشكيل حكومة منتخبة ديمقراطيا في ظل الدستور الجديد، الذي وافقت عليه الجمعية الوطنية التأسيسية في 26 يناير 2014. خلال عملية التحول الديمقراطي، أحرزت تونس تقدما كبيرا في تعزيز سيادة القانون وحقوق الإنسان، ولا سيما فيما يتعلق بالأشخاص المفقودين.

وقد تركزت هذه الجهود في المقام الأول على تطوير الإطار التشريعي الذي يتناول انتهاكات حقوق الإنسان في الماضي من خلال إنشاء آلية لإقامة الحقيقة والمساءلة والتعويض وضمان عدم تكرار انتهاكات حقوق الإنسان.

الصكوك القانونية الدولية

تونس دولة طرف في الصكوك الدولية الرئيسية لحقوق الإنسان بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولجنة مناهضة التعذيب، والميثاق، واللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب. أصبحت طرفا في نظام روما الأساسي في عام 2011.

الإطار الدستوري

ينص الدستور الجديد من يناير 2014 على حماية الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية الرئيسية. إنه يضمن، من بين أمور أخرى، الحق في الحياة والكرامة والسلامة الشخصية، وحظر التعذيب، والحق في عدم الاعتقال بدون أمر قضائي، والمساواة أمام القانون، والحق في الخصوصية، وحماية الأسرة. تنص المادة 102 على السلطة القضائية لضمان إقامة العدل، وسيادة الدستور، وسيادة القانون، وحماية الحقوق والحريات. يمثل الدستور الجديد أساسا لإدخال الإصلاحات السياسية والتشريعية والمؤسسية على هذا المستوى.

 القانون الخاص

من أهم جهود الحكومة التونسية للتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان في الماضي هو اعتماد قانون إنشاء وتنظيم العدالة الانتقالية، في ديسمبر 2013. وينص ذلك القانون على إطار للتعامل مع انتهاكات حقوق الإنسان في الماضي عن طريق توفير آلية لإنشاء الحقيقة، ومساءلة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان، وتوفير تعويضات ورد الحقوق والضمانات بعدم تكرار.

وبشكل أكثر تحديدا، بموجب المادة 4، ينص القانون على أنه في حالة وفاة، أو الأشخاص المفقودين، أو الاختفاء القسري، يجب التحقيق في مصير ومكان وجود المفقودين، بالإضافة إلى ملاحقة مرتكبي أعمال الاختفاء.

من أجل متابعة مساءلة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان في الماضي، ينص القانون على إنشاء ما يسمى بالدوائر القضائية المتخصصة ضمن محاكم الدرجة الأولى في مقرات محاكم الاستئناف. وهي تستمع للقضايا التي تتعلق بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان على النحو المحدد في الاتفاقات الدولية التي صادقت عليها تونس وكما هو محدد في هذا القانون. توضع حالات الاختفاء القسري أيضا في إطار اختصاص هذه الدوائر.

يشير جانب آخر من القانون إلى التعويضات لضحايا الانتهاكات ويلزم الدولة باتخاذ تدابير كافية وفعالة بما يتماشى مع خطورة الانتهاك وحالة كل ضحية. المادة 10 تعرف الضحية بأنها “أي فرد أو جماعة أو كيان قانوني قد عانى ضررا نتيجة لانتهاك”. وتنص على ان الضحايا تشمل “أفراد الأسرة الذين تضرروا نتيجة لقرابتهم للضحية وكذلك أي شخص تعرض لضرر أثناء تدخله لمساعدة الضحية أو لمنع انتهاك”.

وينص القانون على إنشاء لجنة مستقلة للحقيقة والكرامة. ويشمل عمل اللجنة الفترة الممتدة من استقلال تونس في يوليو 1955 حتى عام 2013. وتشمل ولايتها، من بين أمور أخرى، دراسة حالات الاختفاء القسري حيث مصير الضحايا غير معروف على أساس البلاغات والشكاوى، وتحديد مصير الضحايا، وجمع البيانات، والتتبع، والفرز والتحقق منها وتوثيق انتهاكات لإنشاء قاعدة البيانات، وإنشاء سجل موحد لضحايا الانتهاكات (المادة 39).

من أجل تفعيل عمليات المساءلة العامة، والإصلاح المؤسسي والعدالة الجنائية، من بين أمور أخرى، ينبغى أن تقدم في وقت واحد، على النحو المتوخى في قانون العدالة الانتقالية.